الحصة الأولى لك غداً إذاً.. سيكون يومك الأوّل في التدريس وأوّل درس لك كمعلّم، حيث ستنتقل من الدراسة النظرية إلى الممارسة العملية، وستكون أمامك عيون تتابعك وتلتقط كلّ حركة وكلمة وسلوك منك، وعلى هذا الدرس سيُبنى نجاحك لعام وربما مستقبلك المهنيّ كلّه.
في هذه المقالة سوف نقوم بعرض أفكار تشرح لك كمعلم كيف تقدم الحصة الأولى في بادية العام بشكل رائع
وكما يتهيّأ الطالب لبداية جديدة مع عام دراسيّ جديد، معاهداً نفسه على النجاح والتميّز، أجدك تتأهّب أيضاً لتكون مثله الأعلى وقدوته والمنهل الصافي لعلومه.
رغم ذلك.. فمجرد التفكير في فكرة الحصة الأولى سيعتريك مشاعر الخوف ، لا داعي للرهبة والقلق، نمْ جيّداً واستيقظْ باكراً، بعد أن سلسلت أفكارك وخطوات يومك في المدرسة، وما ستفعله خلال كلّ حصّة، راجع بهدوء خطّتك الدراسية التي ستخبر طلابك عنها، ولا تنسى أنّك سبق وقمت خلال دراستك الجامعية بالتحضير لدروس نموذجية وزرت بعض المدارس، كما صحبت يوماً زميلاً مدرّساً في درسه الأوّل، وكان في ذلك تمهيد مفيد لك لتألف الجوّ الذي سيغدو بيتك الثاني.
١-شكل الترحيب بالطلاب في الحصة الأولى للمعلم :
حسناً.. حان وقت ذهابك للمدرسة، ستذهب مبكّراً عن طلابك وقبل دخولهم لقاعة الصفّ، ستقف عند الباب لتستقبلهم وترحّب بهم جميعاً بذات الابتسامة، ستبقى ابتسامتك محفورة في ذاكرتهم سنين طويلة وهم يستحضرون صورتك من الماضي، وربما قصّوا لأطفالهم مستقبلاً حكاية المعلم البشوش الذي عاملهم كأبّ، وحبّبهم بالمدرسة والمادة العلمية التي درّسها لهم.
يا لفرحتهم وهم يرون كيف زيّنت لأجلهم قاعة الصفّ بالبوالين والشرائط الملوّنة والصور لشخصيات كرتونية يحبّونها، وطارت عيونهم نحو طاولة الصفّ تستطلع الهدايا التي أحضرتها لأجلهم وألصقت اسم كلّ واحد منهم عليها بزخرفة جميلة، وتنتظر بلهفة قطع الحلوى اللذيذة، كلّ ذلك سيجعل هذا اليوم الاحتفاليّ مثل العيد وتاريخاً لا يُنسى بالنسبة إليهم.
بالمناسبة.. طبيعيّ أن تحدث بعض الفوضى في أوّل يوم فلا تضطرب ولا تظنّ أنك تفقد زمام الأمور والسيطرة على الصفّ، ستنتظرهم ليجلس كلّ منهم بمقعده، وتلتزم الصمت برهة ريثما يسود السكون.
الآن.. ابدأ بالتعريف عن نفسك بهدوء وثقة وصوت واضح، اسمك وأيّ مادة تدرّس، ويستحسن أن تكتب ذلك على السبورة ليبقى راسخاً في أذهانهم، وأخبرهم أنك ستحدّثهم عن هذه المادّة بعد أن تتعرف عليهم.
وهكذا.. سيبدؤون بتقديم أنفسهم وستحفّز ذاكرتك لتحفظ أسماءهم بقدر الإمكان، وتعدهم بذلك بأسرع وقت.
ستلاحظ من الدقائق الأولى التباين في السلوك من طالب لآخر، لأنهم أتوا من بيئات مختلفة وهناك تباين في عقولهم وقدراتهم وطرق تربيتهم، ولكن كنْ واثقاً أنه ليس مثل الحبّ والاحتواء ما ينظّم السلوك قبل اللجوء لأيّ طريقة أخرى، وأنّ كلّ المفاتيح بيدك أنت وسير الأمور مرهون بك، فقط عليك أن تعرف أن لكلّ طالب طريقة في التعامل، وأن المقارنة بين الطلاب تدمّر كلّ ما تحاول بناءه، وأنّك مربٍّ قبل أن تكون معلّماً.
٢-البدايات في الحصة الأولى للمعلم قد تصنع فرقاً في حياة الطالب
سأخبرك شيئاً مهمّاً وجوهرياً: إن الطالب إذا أحبّ معلّمه أحبّ لأجله المادّة التي يدرّسها، لذلك وقد بدأت تشعر بمحبّتهم لك من نظراتهم الطفولية بعد حفاوة الترحيب، ابدأ بقصّ حكايتك مع هذه المادّة، كيف أحببتها وكيف كان معلّمك سبب حبّك لها، وكيف اخترت دراستها دون غيرها، عدّد مزاياها كما تراها، وشوّقهم إليها بأنك ستدرّسها لهم بطريقة مبتكرة وأساليب حديثة ترسخ بأذهانهم، واجعلهم يحسّون بحضورك اللافت وتمكّنك من مادتك، وأخبرهم عن أفكارك بشأن أن يشاركوك في تحضير الدرس وإعطائه، وحفّزهم بجوائز تعطى لمن يتفوّق.
ثم اعرضْ أمامهم خطّتك خلال الفصل الدراسي المنهجية ، واعداً إيّاهم أنك ستلتزم بها ولن تتخلّى عنهم مهما تغيّرت الظروف، وأنهم أبناؤك الذين تحرص على تعليمهم كحرصك على نفسك، إن هذا الوعد يلزمك بالعودة للخطّة الدراسية كلما تهاونت، فليس مثل الوعد أمام الطفل ما يلزم المربّي بالتنفيذ.
وخلال حديثك سيتعرّفون أكثر على شخصيتك وأسلوبك وأنت تنوّه أن للمسيء والمقصّر هناك بداية تحذير ثم عقاب ثم استدعاء وليّ أمره، وأنك تتمنّى ألا تصل معهم لمثل هذا الحلّ، فالمعلّم الناجح من يحترمه طلّابه ويحبّونه.
٣-ماذا ستصبح حين تكبر؟ :
بعد أن تنهي ما عليك قوله عن الضوابط والسلوكيات في الصفّ، وما يتعلّق بالمادّة التي تدرّسها، ستقوم بلعبة يحبّها التلاميذ جدّاً، وهي ماذا ستصبح في المستقبل.
ستوزّع عليهم أوراقاً وتطلب منهم أن يكتب كلّ منهم اسمه على الورقة وماذا يحلم أن يكون حين يكبر، ثمّ تطلب من كلّ طالب أن يقرأ ما كتب، سيسود جوّ من الألفة بينك وبينهم وأنت تثني وتشجع أو تتساءل عن سبب اختيار حلم معين أو مهنة ما، ثمّ ستجمع الأوراق وتخبرهم أنك ستحتفظ بالأوراق حتى يصبحوا شباباً، وحينها نرى من منهم حقّق حلمه ومن نسي ما حلم به أو فكّر بسواه، وكم سيكون مدهشاً لهم أن تخرج ورقة قديمة من محفظتك وتقرأ عليهم حلمك حين كنت في مثل عمرهم والتي احتفظ بها معلّمك كلّ هذه السنين، فيعرفون أن الحلم قد يتغيّر كلما عرف الطالب ما هي ميوله وتوجّهاته وما الذي يحبّه أكثر.
٤-أنشطة ترفيهية في الحصة الأولى للمعلم :
إنّ طبيعة هذه الأنشطة تختلف حسب المرحلة العمرية، فالصغار مثلاً سيبتهجون لو رسم المعلّم على وجوههم الحرف الأوّل من اسمهم، أو وزّع عليهم بوالين وكتابة اسم كلّ طالب على بالون، أو عرض عليهم قصة مصوّرة كأن تكون عن اليوم الأول في المدرسة، أما الأكبر سناً بقليل فسيروقهم أن يمثّلوا أحداث قصّة ما ويأخذ كلّ واحد منهم دوراً ارتجالياً أو أن يتشاركوا بسرد قصّة من خيالهم بحيث يكمل كلّ طفل ما بدأه الآخر وهي لعبة تحفّز الخيال على الابتكار.
وعموماً فإنك لن تقع بمأزق ماذا سنلعب، لأنك قد أعددت كلّ شيء عن اللعبة تجنّباً للفوضى وكلّ تفاصيل النشاط ستتمّ بإشرافك.
يمكنك أيضاً قراءة : 10 أشياء يجب عليك كمعلم مبتدئ معرفتها
٥-وجبة غداء جماعية:
سترى بنفسك ما الذي يعنيه أن يتناول المعلّم وجبة الغداء مع طلابه إنها خطوة مهمّة لكسب محبّة الطلاب لك وحرصهم على أن يكونوا في الدرس مثالاً للاجتهاد والتهذيب كي لا تنزعج منهم، وسيفاخرون أمام أهلهم بصور السيلفي التي التقطّتها لهم لتعلّقها ضمن المجلّة الجدارية أو في موقع المدرسة.
٦-دفتر اليوميّات:
أنت هنا رقيب نفسك، تدوّن كلّ يوم على دفترك الخاصّ بشكل يوميّ سلوكيّاتك في الصفّ، ما أنت راضٍ عنه وما أنت نادم عليه.
٧-التواصل مع الأهل:
إذ يجب على الأهل أن يبقوا على اطّلاع حول مستوى ابنهم التعليمي وسلوكه في الصفّ مع زملائه ومعلّمه .
خاتمة:
أخيراً هناك كلمة لابدّ منها، وهي أن لا تربية ترتجى ولا تعليم إذا أحسّ المعلّم أنه موظّف لا أكثر.
ذلك أن هؤلاء الأطفال أمانة بعنقه، وهو لهم القدوة والمثل الأعلى والمسؤول عنهم، فكأنهم شتلات صغيرة واهتمامه هو الضوء والماء والهواء، ولا يبنى مجد أمّة إلا بحسن رعاية أطفالها.
فطوبى لمعلّم أخلص لمهنته، ولدولة تكرّم معلّميها بناة الأجيال وتضمن حقوقهم وتحسّن من مستواهم المعيشي، لنرقى بطفولتنا إلى حيث تستحقّ.
تكلمنا في المقالة عن الحصة الأولى للمعلم وكيف يقدمها ب 7 أفكار